فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: على مدار العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، حاولت وسائل إعلام إماراتية وسعودية بث خطاب مسموم يحرض على المقاومة الفلسطينية ويدعم الرواية الإسرائيلية.
مؤخرا، نشرت صحيفة عكاظ السعودية، صورة لمقاوم من كتائب القسام وهو يربت على كتف طفل غزّي، تحت عنوان "غسل أدمغة أطفال غزة"، وسبقتها قناة العربية، التي استخدمت في أكثر من مناسبة "هرب قادة حماس إلى خارج قطاع غزة"، وهو ما أصدرت بشأنه داخلية غزة بيانا حذرت فيه من "الدور المشبوه" الذي تؤديه قناة العربية التي تعمل بأجندات تتقاطع مع أجندة الاحتلال على حد قول الناطق باسمها إياد البزم.
ومن جانبه، أدان المصور الصحفي عطية درويش بشدة، استخدام صحيفة عكاظ السعودية إحدى صوره الخاصة دون الرجوع إليه، بالإضافة إلى استخدامها لوصف غير واقعي مع الصورة التي تم التقاطها كتعبير عن مساندة الشعب الفلسطيني لمقاومته في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.
ويرى الأكاديمي معز كراجة، أن الإعلام في الدول العربية يمارس خطابا سياسيا، والمصطلحات المستخدمة في الخطاب الإعلامي هي تعبير وترويج للخطاب السياسي لدى أنظمتها السياسية في إطار ينسجم مع التطبيع الذي تنتهجه بعض هذه الدول.
وأضاف كراجة في حديثه لـ"قُدس الإخبارية"، أن هذا النوع من الإعلام يُستخدم في محاولة توجيه الجماهير وتشكيل وعيها بما يلائم التوجه السياسي العام لهذه الأنظمة، التي تدرك أن التطبيع لن يتم بالصورة المرجوة منه دون جهد باتجاه تطويع الوعي العربي بقبول "إسرائيل" كدولة يمكن إنشاء علاقات معها.
واعتبر كراجة، أن هذا الخطاب جاء ليمهد الطريق لنقل التطبيع من المستوى الرسمي إلى المستوى الشعبي. مؤكدا أن "هذه المحاولات ما قبل الأحداث الأخيرة التي امتدت على طول فلسطين التاريخية كان يمكن لها أن تكون أسهل، ولكن الهبة الشعبية والتلاحم الفلسطيني قلبت الموازين وأصبحت مهمة تطويع الوعي العربي من خلال الخطاب الإعلامي لهذه الدول صعبة كثيرا.
وشدد الأكاديمي كراجة، على ضرورة وجود خطاب وطني فلسطيني، وتكثيف الجهود من أجل إعادة بلورة الخطاب الإعلامي الوطني المضاد على مستوى واسع.
وبحسب كراجة، فإن الخطورة لا تكمن في بث هذا الخطاب ضمن وسائل الإعلام الرسمية فقط، وإنما في الخطاب الإعلامي الموجود على وسائل التواصل الاجتماعي. مضيفا "هناك الكثير من التقنيات التي تستخدم لتمرير هذا الخطاب وحرف الوعي العربي باتجاه التطبيع، واليوم، هناك ما يسمى بالشخصيات المعروفة أو المؤثرين على المستوى العربي يمررون الخطاب الإعلامي التطبيعي لهذه الدول لمهاجمة الفلسطينيين من خلال التشكيك بالحق الفلسطيني، هؤلاء هم جزء من منظومة إعلامية ممنهجة ومبرمجة هدفها خلق معارك وهمية من خلال إثارة الجدل والشكوك حول ثوابت القضية الفلسطينية.
من جانبه يرى أستاذ الإعلام في الجامعة العربية الأمريكية سعيد أبو معلا، أن هذا الإعلام يتبع مباشرة لأنظمة سياسية أجندتها بعيدة عن الأجندة العربية القومية، وخلقت أجندة جديدة تتشابك مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي.
وفي تعليقه على ما نشرته صحيفة عكاظ السعودية، يرى أبو معلا، أن من حق الفلسطيني أن يشكل وعي الأطفال على أساس وطني. وأضاف: هدف وسائل الإعلام هذه تضليل الصورة، وبث صورة معادية لنهج المقاومة الفلسطينية وكل ما يمسها.
وأشار أبو معلا خلال حديثه لـ"قُدس الإخبارية"، إلى أن هذا الخطاب الإعلامي العربي، يأتي في محاولة للتأثير على الوعي العربي، قائلا: "أعتقد أنه فاشل ولن يحقق النتائج وتحديدا بعد الانتصار الذي حققته المقاومة في غزة بسبب إخراسها للخطاب المعادي لخطاب المقاومة الفلسطينية، خاصة وأنه خطاب مكشوف ومفضوح".
يشار، إلى أنه من اللافت للنظر، وجود نوع من الانسجام في الدعاية الموجهة من خلال التقارير والأخبار التي بثها الإعلامان السعودي والإماراتي، بتبني الرواية الاسرائيلية في ما يتعلق بالمواقع المستهدفة في القطاع والترويج على أنها عسكرية رغم أن الصورة كانت تفضح هذا الادعاء، من خلال طبيعة الشهداء الذين معظمهم من المدنيين وطبيعة الأماكن المدنية المستهدفة.